ما الذي حدث في دارفور؟
منذ بداية عام 2003، تخوض قوات الحكومة السودانية وإحدى الميليشيات
الإثنية المعروفة باسم "الجنجويد" نزاعاً مسلحاً ضد جماعتين متمردتين هما
جيش/حركة تحرير السودان وحركة العدالة والمساواة. ووفي سياق عملياتها ضد
المتمردين قامت قوات الحكومة بشنّ حملةٍ منهجية من "التطهير العرقي" ضد
السكان المدنيين الذين ينتمون إلى نفس المجموعات الإثنية التي ينتمي إليها
المتمردون. وقامت القوات الحكومية السودانية وميليشيا الجنجويد بإحراق
وتدمير مئات القرى، متسببة في عشرات الآلاف من الوفيات في صفوف المدنيين،
وتشريد الملايين من الأشخاص، واغتصاب الآلاف من النساء والفتيات والاعتداء
عليهن.
وبحلول سبتمبر/أيلول 2007، أصبح ما يناهز 2.2 مليون شخص مشرد يقيمون في
مخيمات في دارفور، وأكثر من 200000 من الأشخاص فروا إلى تشاد المجاورة، حيث
يعيشون في مخيمات لاجئين. وبالإضافة إلى الأشخاص المشردين جراء النزاع،
فثمة 2 مليون شخص آخرين يعتبرون "متأثرين بالنزاع" حسب الأمم المتحدة،
ويحتاج الكثير منهم المساعدة في توفير الطعام لأن النزاع أضّر بالاقتصاد
المحلي والأسواق والتجارة في دارفور.
وقد حدثت تغيرات وانقسامات في تحالفات المتمردين منذ بدء النزاع، وأبرزها
التي وقعت في نوفمبر/تشرين الثاني 2005، حينما انقسم جيش تحرير السودان إلى
فصيلين. وبحلول سبتمبر/أيلول 2007، أصبح هناك أكثر من اثني عشر فصيلاً
منشقاً من جيش تحرير السودان وحركة العدالة والمساواة. وتنقسم حركات التمرد
إلى جماعات قليلة تناصر اتفاق سلام دارفور الذي تم إبرامه في مايو/أيار،
وغالبيتها ترفض توقيع الاتفاق.
ما الذي يحدث في دارفور الآن؟
تراجع عدد هجمات الحكومة ضد المدنيين في بداية عام 2005، ويعود ذلك
جزئياً إلى تدمير الغالبية العظمى من القرى وهجر سكانها لها. لكنّ منذ
أواخر عام 2005 تدهور الموقف بشدة، خاصة بعد اتفاق سلام دارفور في
مايو/أيار 2006.
وقد انتقل الموقف حالياً من نزاع مسلح عالي التدمير بين المتمردين
والحكومة، إلى تنافس عنيف للوصول إلى السلطة والموارد، تنخرط فيه القوات
الحكومية وميليشيا الجنجويد المناصرة للحكومة، وعدّة فصائل متمردة وفصائل
من المتمردين السابقين والعصابات. وبين يناير/كانون الثاني ويوليو/تموز
2007، تم تشريد أكثر من 200000 شخص، وغالبيتهم يتعرضون للتشريد للمرة
الثانية أو الثالثة.
وجددت حكومة السودان في أواخر 2006 ومطلع 2007 حملة القصف؛ إذ قامت
بضرب المناطق المزعوم أنها تخضع لتحكم المتمردين في شمال دارفور، وهذا بشكل
شبه يومي. وهاجمت الميليشيات التي تدعمها الحكومة السكان المدنيين في غرب
وجنوب وشمال دارفور، بما في ذلك مخيمات الأشخاص المشردين داخلياً. وتزايدت
شكاوى سكان شمال دارفور من إساءات القوات المتحالفة مع زعيم المتمردين
السابق ميني ميناوي، الذي وقع على اتفاق سلام دارفور في مايو/أيار 2006.
وتسببت أيضاً هذه الإساءات ضد المدنيين، وكذلك المصادمات بين جيش تحرير
السودان ومقاتلي ميناوي والجماعات المتمردة في تشريد موسع النطاق للأشخاص،
خاصة في منطقتي كورما وطويلة، وشملت أيضاً مخيمات للمشردين في المنطقة.
وخلّف القتال بين الجماعات الإثنية العربية منذ يناير/كانون الثاني 2007
أكثر من 200 قتيل وأجبر الآلاف على الفرار.
وفي 31 يوليو/تموز 2007، وافق مجلس الأمن – بموافقة السودان – على نشر
قوة حفظ سلام تشمل 26000 من العناصر العسكرية والشرطية الدولية في دارفور.
وسوف تتكون هذه القوة من قوة الاتحاد الأفريقي بالإضافة إلى قوة "مختلطة"
من الأمم المتحدة (بعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في دارفور) وسوف
تخول الاضطلاع بمسؤوليات قوة حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي
المُحاصرة حالياً (بعثة الاتحاد الأفريقي في السودان) والتي تعمل في دارفور
منذ عام 2004. وسوف يتم تجهيز البعثة الجديدة بموارد أكثر لحماية المدنيين
والعاملين بمجال الإغاثة الإنسانية، وللإشراف على تنفيذ اتفاق السلام
الهش. وقد أصرّت الحكومة السودانية على أن تتشكل قوة حفظ السلام بالأساس من
قوات تتبع الدول الأفريقية، إلا أنه من الواضح أن ثمة حاجة للموارد الفنية
واللوجستية وغيرها من الاحتياجات من دول غير أفريقية.