غزة: يجب عدم استئناف عمليات الإعدام
حماس تلوح بأول استخدام لحُكم الإعدام في غزة
منذ خمسة أعوام رغم أن المحاكمات غير عادلة
أبريل/نيسان
6, 2010
(القدس) - قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن على سلطات حماس أن تتراجع عن
إعلانها مؤخراً لنيتها استئناف استخدام تطبيق عقوبة الإعدام في قطاع غزة،
والتي لم تُنفذ في القطاع منذ عام 2005. وعقوبة الإعدام، التي تُنفذ في غزة
رمياً بالرصاص أو الشنق، هي عقوبة قاسية ولاإنسانية بطبيعتها، وتخرق أحكام
الإعدام التي أنزلتها محاكم حماس العسكرية إجراءات التقاضي العادلة، على
حد قول هيومن رايتس ووتش.
وينتمي أغلب من يواجهون عقوبة الإعدام في غزة إلى حركة فتح المنافسة أو
هم أشخاص رأتهم محاكم حماس العسكرية متعاونين مع إسرائيل. وفي 24 مارس/آذار
2010، قال وزير الداخلية بحماس، فتحي حماد، إن سلطات حماس ستنفذ عقوبة
الإعدام "في المستقبل القريب" ضد "عملاء
[لإسرائيل] حُكم عليهم بالإعدام، بغض النظر عن موقف الجماعات الحقوقية
التي ترفض هذا النوع من العقوبات".
وقال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
في هيومن رايتس ووتش: "إننا هنا بصدد أحكام إدانة في محاكمات ليست قريبة
حتى من الوفاء بمعايير المحاكمة العادلة". وتابع: "على سلطات حماس ألا تخطو
هذه الخطوة للخلف بالبدء في تنفيذ أحكام الإعدام، لاسيما بحق أشخاص هم
بصدد الإعدام إثر محاكمات غير عادلة".
المحاكم العسكرية التي تديرها حماس في قطاع غزة أدانت 16 شخصاً وحكمت
عليهم بالإعدام في عام 2009 وحتى الوقت الحالي، منهم 8 أشخاص مُدانين
بالخيانة. تسعة من الستة عشر شخصاً عرضة للإعدام الفوري، والسبعة الآخرين
أُنزلت بهم الأحكام غيابياً. فضلاً عن أن المحكمة المدنية التي تديرها حماس
حكمت على الشخص السابع عشر بالإعدام العام الماضي.
وبموجب القانون الفلسطيني، فإن رئيس السلطة الفلسطينية يجب أن يصدق على
أحكام الإعدام قبل تنفيذها. وحماس، الواقعة في خلاف مع حكومة السلطة
الفلسطينية في الضفة الغربية برئاسة محمود عباس، أعلنت في مايو/أيار 2009
إنها تؤسس لجنة من المستشارين القانونيين والمسؤولين في وزارة العدل بحماس
من أجل التصديق على أحكام الإعدام.
وقال محمد عابد، النائب العام بحكومة حماس، في 28 مارس/آذار، إن الأحكام
النهائية للمحاكم العسكرية يجب أن تُنفذ بغض النظر عن عدم موافقة الرئيس
عباس عليها قبل نهاية مدة رئاسته في يناير/كانون الثاني 2009. واستمر عباس
في السلطة بعد إعلانه أنه مدد توليه لمنصبه إلى أن تجري انتخابات رئاسية
جديدة، من المزمع اجراؤها في يونيو/حزيران 2010 - وهي الخطوة التي قاطعتها
حماس. أضاف عابد إنه بسبب انتهاء مدة رئاسة عباس رسمياً، فليس من المطلوب
موافقة رئاسية من أجل تنفيذ أحكام الإعدام التي أصدرتها المحاكم بحق
الأشخاص المدانين بالتعاون مع إسرائيل أو المُدانين بالقتل العمد.
وقال عابد إنه يجب أيضاً إعدام تجار المخدرات، برغم عدم إصدار محاكم غزة
لأية عقوبات بالإعدام في الجرائم على الصلة بالمخدرات. وفعّلت السلطات في
غزة قانوناً ينص على عقوبة الإعدام في جرائم المخدرات بتاريخ ديسمبر/كانون
الأول 2009.
وتري هيومن رايتس ووتش في عقوبة الإعدام أنها عقوبة قاسية ولاإنسانية
بطبيعتها. وفي ديسمبر/كانون الأول 2007، دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة
إلى فرض تجميد على استخدام عقوبة الإعدام في شتى أنحاء العالم.
وفي الكثير من قضايا غزة، تُفرض عقوبة الإعدام بناء على قوانين وإجراءات
تقاضي لا تفي بالمعايير الدولية الدنيا.
على سبيل المثال، قال محامٍ يمثل مدعى عليهم أمام المحاكم العسكرية لـ
هيومن رايتس ووتش ، إنه في 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2009 حكمت المحكمة
العسكرية العليا في غزة - التي تنظر في الاستئناف - على موكله، محمد
إسماعيل، بالإعدام بتهمة الخيانة، جزئياً بناء على اعتراف من إسماعيل،رغم
أدلة على أن مسؤولي حماس أكرهوه على الاعتراف تحت التعذيب. المحامي، الذي
طلب عدم ذكر اسمه، قال أيضاً إن المحكمة العليا تجاوزت سلطاتها بفرضها
عقوبة الإعدام، موضحاً أن اختصاص المحكمة يقتصر على تأييد أو رفض حُكم
المحكمة العسكرية الأدنى درجة. وحكمت تلك المحكمة على إسماعيل بالسجن
المؤبد بعد أن تبين لأحد قضاتها الثلاثة أنه غير مذنب بالخيانة. ويمكن
للمحاكم العسكرية فرض عقوبة الإعدام فقط في حالة صدور الحكم بالإجماع بين
القضاة.
شخص آخر مُلم بالمحاكمات أمام المحاكم العسكرية في غزة قال لـ هيومن
رايتس ووتش إن المحتجزين في النظام القضائي العسكري لا يقابلون محاميهم
بانتظام إلى أن ينتهي الاستجواب فيتم ارسالهم إلى السجن المركزي. هذا
الشخص، الذي طلب عدم ذكر اسمه بدوره، شهد بعض التحسن في معايير المحاكمة
العادلة أمام المحاكم العسكرية، مشيراً إلى أن "القاضي رئيس الجلسة يسمح
الآن لمحامييّ الدفاع بعرض الأدلة". ولم تتبين هيومن رايتس ووتش ما إن كان
المحامون قد مُنعوا من عرض الأدلة في أي من المحاكمات العسكرية الـ 16 التي
أسفرت عن أحكام إعدام في عامي 2009 و2010.
وتثير الانتقائية في أحكام الإعدام بالقطاع المخاوف حول المقاضاة لأسباب
سياسية. فثمانية من الـ 14 المُحكومين بالإعدام في عام 2009 هم مدعى عليهم
على صلة بفتح، التي طردتها حماس بالعنف من غزة في عام 2007.
على سبيل المثال، في أبريل/نيسان 2009 أصدرت المحكمة العسكرية حُكماً
بالإعدام (غيابياً) على أربعة أشخاص أعضاء بقوات الأمن الوقائي، بتهمة قتل
رجل دين من حماس عام 2006، في الفترة التي كانت فتح تفرض فيها سيطرتها على
الأوضاع بالقطاع. ومنذ استيلاء حماس على السلطة في غزة عام 2007، لم تعد
فتح تسيطر على أية قوات أمنية هناك. وفي مايو/أيار 2009، حكمت محكمة عسكرية
على ثلاثة أشخاص على صلة بفتح بالإعدام، اثنان منهم غيابياً، بتهمة قتل
صحفيين يعملون في صحيفة موالية لحماس في مايو/أيار 2007.
وفي المقابل، لا تعرف هيومن رايتس ووتش بأية قضايا حكمت فيها المحاكم
العسكرية بحماس على أعضاء من حماس بتهمة القتل غير القانوني لخصوم من فتح.
وقد وثقت هيومن رايتس ووتش مثل أعمال القتل هذه قبل
وأثناء استيلاء حماس على السلطة في غزة عام 2007، ووثقت 32 قضية أخرى قام
فيها رجال مُقنعون يظهر أنهم على صلة بحماس، بإعدام من يُزعم بأنهم
متعاونون مع إسرائيل - بمعزل عن القضاء - أثناء وبعد الهجوم العسكري
الإسرائيلي في ديسمبر/كانون الأول 2008 ويناير/كانون الثاني 2009.
ويجب أن يقتصر اختصاص المحكمة العسكرية على الأفراد العاملين بالجيش،
لكن 5 من الأشخاص الـ 16 المحكومين بالإعدام في المحاكم العسكرية منذ عام
2009 هم من المدنيين.
ويعاني القانون الفلسطيني الذي يفرض عقوبة الإعدام من مشكلات جسيمة
تتجاوز القضايا التي حُكم فيها على الأشخاص بالإعدام حتى الآن. على سبيل
المثال يطالب القانون الدولي بأنه حتى لو سُمح بفرض عقوبة الإعدام، فإن
تطبيقها يقتصر على الجرائم الأكثر جسامة. لكن في كل من غزة والضفة الغربية،
تُطبق المحاكم العسكرية قانون العقوبات الثوري لعام 1979 الخاص بمنظمة
التحرير الفلسطينية. ويسمح القانون بالإعدام في 42 جريمة، منها عدة جرائم
تقع خارج نطاق المعيار الدولي الخاص بـ "الجرائم الأكثر جسامة"، رغم أن
جميع الأشخاص الـ 16 المحكومين بالإعدام بموجب قانون عقوبات منظمة التحرير
الفلسطينية في عامي 2009 و2010 قد أدينوا في قضايا قتل أو خيانة.
وتنص بعض مواد قانون العقوبات المذكورعلى عقوبة الإعدام بحق الجرائم
السياسية التي لا علاقة لها بالأمن أوجرائم أخري فضفاضة التعريف بحيث لا
تتوافق مع المطلب الدولي بأن يتم تعريف الجريمة بوضوح كاف يسمح للشخص
المتهم بمعرفة الأفعال التي تمثّل عملاً إجرامياً، وأن يدافع عن نفسه ضد
هذه الاتهامات. على سبيل المثال، تنص المادة 165 من القانون على عقوبة
الإعدام في أية جريمة "تحريض للشعب" أو "تضر بسمعة أو مكانة الثورة
الفلسطينية".
ولم يصدق البرلمان الفلسطيني مطلقاً على قانون العقوبات الخاص بمنظمة
التحرير الفلسطينية المطبق من قبل المحاكم العسكرية في غزة والضفة الغربية،
مما يعني أن القانون نفسه وأحكام الإعدام المُنزلة طبقاً لأحكامه غير
دستورية بموجب القانون الأساسي الفلسطيني.
اثنان من الـ 16 شخصاً المحكوم عليهم بالإعدام من قبل محاكم حماس
العسكرية صدرت عليهما الأحكام عام 2010. باسل زروب حُكم عليه بالإعدام
(غيابياً) في 22 فبراير/شباط بتهمة الخيانة والمساعدة على القتل العمد
والتحريض عليه، ونعيم عاشور حُكم عليه في 3 مارس/آذار بالإعدام بتهمة
المساعدة في القتل العمد والتحريض عليه، طبقاً لموقع القضاء العسكري.
بالإضافة إلى أحكام الإعدام من المحاكم العسكرية، فإن محكمة مدنية في
غزة أصدرت مؤخراً حُكماً بالإعدام للمرة الأولى منذ استيلاء حماس على
السلطة. ففي 22 فبراير/شباط، حكمت محكمة حماس المدنية الابتدائية بالإعدام
على أسامة زيدان الغول، 30 عاماً، بتهمة قتل تاجر مجوهرات مسيحي، هو أكرم
عيسى العمش. محمد طالب، محامي الغول، قال لـ هيومن رايتس ووتش إن المحكمة
منحت الادعاء 10 جلسات لتقديم أدلته لكنها لم تسمح للدفاع سوى بجلسة واحدة
ورفضت طلبه بمزيد من الجلسات، ومنعته من عرض الدفاع الكافي.
وتطبق المحاكم المدنية في غزة عقوبة الإعدام بموجب قانون العقوبات، رقم
74 لسنة 1936، الذي يعود تاريخه للانتداب البريطاني. وفي الضفة الغربية،
فإن المحاكم المدنية التابعة للسلطة الفلسطينية تفرض عقوبة الإعدام بموجب
قانون العقوبات الأردني رقم 16 لعام 1960، الذي يعود تاريخه لفترة سيطرة
الأردن على أراضي الضفة الغربية.
ولم تُنفذ حماس أية أحكام إعدام قضائية منذ فازت بالانتخابات البرلمانية
في عام 2006. الإعدامات الأخيرة وقعت في غزة عام 2005، عندما شنقت السلطة
الفلسطينية التي كانت تهيمن عليها فتح أربعة رجال وأعدمت رجل آخر رمياً
بالرصاص بعد إدانتهم بالقتل. وفيما لم تنفذ السلطة الفلسطينية أحكام إعدام
في الضفة الغربية منذ ذلك الحين، فإن المحاكم العسكرية في الضفة الغربية
التي تديرها السلطة الفلسطينية، أنزلت ثلاثة أحكام بالإعدام في عام 2009،
منها حُكم في 9 ديسمبر/كانون الأول 2009 بحق رجل متهم بـ "التعاون مع
العدو" بموجب قانون العقوبات الثوري لمنظمة التحرير الفلسطينية، وطبقاً
للجنة حقوق الإنسان الفلسطينية المستقلة، وهي هيئة حقوقية رسمية. أولئك
المحكوم عليهم لم تُنفذ بحقهم بعد أحكام الإعدام.
ومن جانبها، أخفقت السلطة الفلسطينية في مقاضاة أعضاء أجهزتها الأمنية
المسؤولين عن انتهاكات جسيمة ضد أعضاء من حماس في غزة والضفة الغربية،
ويشمل ذلك مزاعم بالقتل تحت تأثير التعذيب لثلاثة رجال كانوا محتجزين طرف
السلطة الفلسطينية بالضفة الغربية عام 2009. ولم تحاكم السلطة الفلسطينية
أو حماس أعضاء الأجهزة الأمنية طرفهما على ارتكاب أعمال التعذيب، رغم ورود
شكاوى كثيرة عن التعذيب قامت بتوثيقها هيومن رايتس ووتش وأطراف أخرى.
وفي غزة، يتم الطعن بشكل تلقائي في أحكام المحكمة العسكرية من قبل
المحكمة العسكرية العليا، التي أصدرت حُكمها في قضية محمد إسماعيل - واحد
من الـ 14 شخصاً المحكوم عليهم بالإعدام في عام 2009. ولا تعرف هيومن رايتس
ووتش ما وصل إليه الاستئناف في الأحكام الـ 13 الأخرى بالإعدام في عام
2009 وحُكميّ الإعدام الصادران عام 2010.
حماس تلوح بأول استخدام لحُكم الإعدام في غزة
منذ خمسة أعوام رغم أن المحاكمات غير عادلة
أبريل/نيسان
6, 2010
(القدس) - قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن على سلطات حماس أن تتراجع عن
إعلانها مؤخراً لنيتها استئناف استخدام تطبيق عقوبة الإعدام في قطاع غزة،
والتي لم تُنفذ في القطاع منذ عام 2005. وعقوبة الإعدام، التي تُنفذ في غزة
رمياً بالرصاص أو الشنق، هي عقوبة قاسية ولاإنسانية بطبيعتها، وتخرق أحكام
الإعدام التي أنزلتها محاكم حماس العسكرية إجراءات التقاضي العادلة، على
حد قول هيومن رايتس ووتش.
وينتمي أغلب من يواجهون عقوبة الإعدام في غزة إلى حركة فتح المنافسة أو
هم أشخاص رأتهم محاكم حماس العسكرية متعاونين مع إسرائيل. وفي 24 مارس/آذار
2010، قال وزير الداخلية بحماس، فتحي حماد، إن سلطات حماس ستنفذ عقوبة
الإعدام "في المستقبل القريب" ضد "عملاء
[لإسرائيل] حُكم عليهم بالإعدام، بغض النظر عن موقف الجماعات الحقوقية
التي ترفض هذا النوع من العقوبات".
وقال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
في هيومن رايتس ووتش: "إننا هنا بصدد أحكام إدانة في محاكمات ليست قريبة
حتى من الوفاء بمعايير المحاكمة العادلة". وتابع: "على سلطات حماس ألا تخطو
هذه الخطوة للخلف بالبدء في تنفيذ أحكام الإعدام، لاسيما بحق أشخاص هم
بصدد الإعدام إثر محاكمات غير عادلة".
المحاكم العسكرية التي تديرها حماس في قطاع غزة أدانت 16 شخصاً وحكمت
عليهم بالإعدام في عام 2009 وحتى الوقت الحالي، منهم 8 أشخاص مُدانين
بالخيانة. تسعة من الستة عشر شخصاً عرضة للإعدام الفوري، والسبعة الآخرين
أُنزلت بهم الأحكام غيابياً. فضلاً عن أن المحكمة المدنية التي تديرها حماس
حكمت على الشخص السابع عشر بالإعدام العام الماضي.
وبموجب القانون الفلسطيني، فإن رئيس السلطة الفلسطينية يجب أن يصدق على
أحكام الإعدام قبل تنفيذها. وحماس، الواقعة في خلاف مع حكومة السلطة
الفلسطينية في الضفة الغربية برئاسة محمود عباس، أعلنت في مايو/أيار 2009
إنها تؤسس لجنة من المستشارين القانونيين والمسؤولين في وزارة العدل بحماس
من أجل التصديق على أحكام الإعدام.
وقال محمد عابد، النائب العام بحكومة حماس، في 28 مارس/آذار، إن الأحكام
النهائية للمحاكم العسكرية يجب أن تُنفذ بغض النظر عن عدم موافقة الرئيس
عباس عليها قبل نهاية مدة رئاسته في يناير/كانون الثاني 2009. واستمر عباس
في السلطة بعد إعلانه أنه مدد توليه لمنصبه إلى أن تجري انتخابات رئاسية
جديدة، من المزمع اجراؤها في يونيو/حزيران 2010 - وهي الخطوة التي قاطعتها
حماس. أضاف عابد إنه بسبب انتهاء مدة رئاسة عباس رسمياً، فليس من المطلوب
موافقة رئاسية من أجل تنفيذ أحكام الإعدام التي أصدرتها المحاكم بحق
الأشخاص المدانين بالتعاون مع إسرائيل أو المُدانين بالقتل العمد.
وقال عابد إنه يجب أيضاً إعدام تجار المخدرات، برغم عدم إصدار محاكم غزة
لأية عقوبات بالإعدام في الجرائم على الصلة بالمخدرات. وفعّلت السلطات في
غزة قانوناً ينص على عقوبة الإعدام في جرائم المخدرات بتاريخ ديسمبر/كانون
الأول 2009.
وتري هيومن رايتس ووتش في عقوبة الإعدام أنها عقوبة قاسية ولاإنسانية
بطبيعتها. وفي ديسمبر/كانون الأول 2007، دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة
إلى فرض تجميد على استخدام عقوبة الإعدام في شتى أنحاء العالم.
وفي الكثير من قضايا غزة، تُفرض عقوبة الإعدام بناء على قوانين وإجراءات
تقاضي لا تفي بالمعايير الدولية الدنيا.
على سبيل المثال، قال محامٍ يمثل مدعى عليهم أمام المحاكم العسكرية لـ
هيومن رايتس ووتش ، إنه في 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2009 حكمت المحكمة
العسكرية العليا في غزة - التي تنظر في الاستئناف - على موكله، محمد
إسماعيل، بالإعدام بتهمة الخيانة، جزئياً بناء على اعتراف من إسماعيل،رغم
أدلة على أن مسؤولي حماس أكرهوه على الاعتراف تحت التعذيب. المحامي، الذي
طلب عدم ذكر اسمه، قال أيضاً إن المحكمة العليا تجاوزت سلطاتها بفرضها
عقوبة الإعدام، موضحاً أن اختصاص المحكمة يقتصر على تأييد أو رفض حُكم
المحكمة العسكرية الأدنى درجة. وحكمت تلك المحكمة على إسماعيل بالسجن
المؤبد بعد أن تبين لأحد قضاتها الثلاثة أنه غير مذنب بالخيانة. ويمكن
للمحاكم العسكرية فرض عقوبة الإعدام فقط في حالة صدور الحكم بالإجماع بين
القضاة.
شخص آخر مُلم بالمحاكمات أمام المحاكم العسكرية في غزة قال لـ هيومن
رايتس ووتش إن المحتجزين في النظام القضائي العسكري لا يقابلون محاميهم
بانتظام إلى أن ينتهي الاستجواب فيتم ارسالهم إلى السجن المركزي. هذا
الشخص، الذي طلب عدم ذكر اسمه بدوره، شهد بعض التحسن في معايير المحاكمة
العادلة أمام المحاكم العسكرية، مشيراً إلى أن "القاضي رئيس الجلسة يسمح
الآن لمحامييّ الدفاع بعرض الأدلة". ولم تتبين هيومن رايتس ووتش ما إن كان
المحامون قد مُنعوا من عرض الأدلة في أي من المحاكمات العسكرية الـ 16 التي
أسفرت عن أحكام إعدام في عامي 2009 و2010.
وتثير الانتقائية في أحكام الإعدام بالقطاع المخاوف حول المقاضاة لأسباب
سياسية. فثمانية من الـ 14 المُحكومين بالإعدام في عام 2009 هم مدعى عليهم
على صلة بفتح، التي طردتها حماس بالعنف من غزة في عام 2007.
على سبيل المثال، في أبريل/نيسان 2009 أصدرت المحكمة العسكرية حُكماً
بالإعدام (غيابياً) على أربعة أشخاص أعضاء بقوات الأمن الوقائي، بتهمة قتل
رجل دين من حماس عام 2006، في الفترة التي كانت فتح تفرض فيها سيطرتها على
الأوضاع بالقطاع. ومنذ استيلاء حماس على السلطة في غزة عام 2007، لم تعد
فتح تسيطر على أية قوات أمنية هناك. وفي مايو/أيار 2009، حكمت محكمة عسكرية
على ثلاثة أشخاص على صلة بفتح بالإعدام، اثنان منهم غيابياً، بتهمة قتل
صحفيين يعملون في صحيفة موالية لحماس في مايو/أيار 2007.
وفي المقابل، لا تعرف هيومن رايتس ووتش بأية قضايا حكمت فيها المحاكم
العسكرية بحماس على أعضاء من حماس بتهمة القتل غير القانوني لخصوم من فتح.
وقد وثقت هيومن رايتس ووتش مثل أعمال القتل هذه قبل
وأثناء استيلاء حماس على السلطة في غزة عام 2007، ووثقت 32 قضية أخرى قام
فيها رجال مُقنعون يظهر أنهم على صلة بحماس، بإعدام من يُزعم بأنهم
متعاونون مع إسرائيل - بمعزل عن القضاء - أثناء وبعد الهجوم العسكري
الإسرائيلي في ديسمبر/كانون الأول 2008 ويناير/كانون الثاني 2009.
ويجب أن يقتصر اختصاص المحكمة العسكرية على الأفراد العاملين بالجيش،
لكن 5 من الأشخاص الـ 16 المحكومين بالإعدام في المحاكم العسكرية منذ عام
2009 هم من المدنيين.
ويعاني القانون الفلسطيني الذي يفرض عقوبة الإعدام من مشكلات جسيمة
تتجاوز القضايا التي حُكم فيها على الأشخاص بالإعدام حتى الآن. على سبيل
المثال يطالب القانون الدولي بأنه حتى لو سُمح بفرض عقوبة الإعدام، فإن
تطبيقها يقتصر على الجرائم الأكثر جسامة. لكن في كل من غزة والضفة الغربية،
تُطبق المحاكم العسكرية قانون العقوبات الثوري لعام 1979 الخاص بمنظمة
التحرير الفلسطينية. ويسمح القانون بالإعدام في 42 جريمة، منها عدة جرائم
تقع خارج نطاق المعيار الدولي الخاص بـ "الجرائم الأكثر جسامة"، رغم أن
جميع الأشخاص الـ 16 المحكومين بالإعدام بموجب قانون عقوبات منظمة التحرير
الفلسطينية في عامي 2009 و2010 قد أدينوا في قضايا قتل أو خيانة.
وتنص بعض مواد قانون العقوبات المذكورعلى عقوبة الإعدام بحق الجرائم
السياسية التي لا علاقة لها بالأمن أوجرائم أخري فضفاضة التعريف بحيث لا
تتوافق مع المطلب الدولي بأن يتم تعريف الجريمة بوضوح كاف يسمح للشخص
المتهم بمعرفة الأفعال التي تمثّل عملاً إجرامياً، وأن يدافع عن نفسه ضد
هذه الاتهامات. على سبيل المثال، تنص المادة 165 من القانون على عقوبة
الإعدام في أية جريمة "تحريض للشعب" أو "تضر بسمعة أو مكانة الثورة
الفلسطينية".
ولم يصدق البرلمان الفلسطيني مطلقاً على قانون العقوبات الخاص بمنظمة
التحرير الفلسطينية المطبق من قبل المحاكم العسكرية في غزة والضفة الغربية،
مما يعني أن القانون نفسه وأحكام الإعدام المُنزلة طبقاً لأحكامه غير
دستورية بموجب القانون الأساسي الفلسطيني.
اثنان من الـ 16 شخصاً المحكوم عليهم بالإعدام من قبل محاكم حماس
العسكرية صدرت عليهما الأحكام عام 2010. باسل زروب حُكم عليه بالإعدام
(غيابياً) في 22 فبراير/شباط بتهمة الخيانة والمساعدة على القتل العمد
والتحريض عليه، ونعيم عاشور حُكم عليه في 3 مارس/آذار بالإعدام بتهمة
المساعدة في القتل العمد والتحريض عليه، طبقاً لموقع القضاء العسكري.
بالإضافة إلى أحكام الإعدام من المحاكم العسكرية، فإن محكمة مدنية في
غزة أصدرت مؤخراً حُكماً بالإعدام للمرة الأولى منذ استيلاء حماس على
السلطة. ففي 22 فبراير/شباط، حكمت محكمة حماس المدنية الابتدائية بالإعدام
على أسامة زيدان الغول، 30 عاماً، بتهمة قتل تاجر مجوهرات مسيحي، هو أكرم
عيسى العمش. محمد طالب، محامي الغول، قال لـ هيومن رايتس ووتش إن المحكمة
منحت الادعاء 10 جلسات لتقديم أدلته لكنها لم تسمح للدفاع سوى بجلسة واحدة
ورفضت طلبه بمزيد من الجلسات، ومنعته من عرض الدفاع الكافي.
وتطبق المحاكم المدنية في غزة عقوبة الإعدام بموجب قانون العقوبات، رقم
74 لسنة 1936، الذي يعود تاريخه للانتداب البريطاني. وفي الضفة الغربية،
فإن المحاكم المدنية التابعة للسلطة الفلسطينية تفرض عقوبة الإعدام بموجب
قانون العقوبات الأردني رقم 16 لعام 1960، الذي يعود تاريخه لفترة سيطرة
الأردن على أراضي الضفة الغربية.
ولم تُنفذ حماس أية أحكام إعدام قضائية منذ فازت بالانتخابات البرلمانية
في عام 2006. الإعدامات الأخيرة وقعت في غزة عام 2005، عندما شنقت السلطة
الفلسطينية التي كانت تهيمن عليها فتح أربعة رجال وأعدمت رجل آخر رمياً
بالرصاص بعد إدانتهم بالقتل. وفيما لم تنفذ السلطة الفلسطينية أحكام إعدام
في الضفة الغربية منذ ذلك الحين، فإن المحاكم العسكرية في الضفة الغربية
التي تديرها السلطة الفلسطينية، أنزلت ثلاثة أحكام بالإعدام في عام 2009،
منها حُكم في 9 ديسمبر/كانون الأول 2009 بحق رجل متهم بـ "التعاون مع
العدو" بموجب قانون العقوبات الثوري لمنظمة التحرير الفلسطينية، وطبقاً
للجنة حقوق الإنسان الفلسطينية المستقلة، وهي هيئة حقوقية رسمية. أولئك
المحكوم عليهم لم تُنفذ بحقهم بعد أحكام الإعدام.
ومن جانبها، أخفقت السلطة الفلسطينية في مقاضاة أعضاء أجهزتها الأمنية
المسؤولين عن انتهاكات جسيمة ضد أعضاء من حماس في غزة والضفة الغربية،
ويشمل ذلك مزاعم بالقتل تحت تأثير التعذيب لثلاثة رجال كانوا محتجزين طرف
السلطة الفلسطينية بالضفة الغربية عام 2009. ولم تحاكم السلطة الفلسطينية
أو حماس أعضاء الأجهزة الأمنية طرفهما على ارتكاب أعمال التعذيب، رغم ورود
شكاوى كثيرة عن التعذيب قامت بتوثيقها هيومن رايتس ووتش وأطراف أخرى.
وفي غزة، يتم الطعن بشكل تلقائي في أحكام المحكمة العسكرية من قبل
المحكمة العسكرية العليا، التي أصدرت حُكمها في قضية محمد إسماعيل - واحد
من الـ 14 شخصاً المحكوم عليهم بالإعدام في عام 2009. ولا تعرف هيومن رايتس
ووتش ما وصل إليه الاستئناف في الأحكام الـ 13 الأخرى بالإعدام في عام
2009 وحُكميّ الإعدام الصادران عام 2010.