[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
ولد محى نوح فى 6 أغسطس من عام 1943 بمحافظة الشرقية ومرت به مراحل التعليم بتفوق رياضى واضح فى
لعبة الملاكمة حيث تفوق على أقرانه وحصل على بطولة مدارس الجمهورية وبطولة القطر المصرى .
إلتحق بالكلية الحربية عام 1961 وتخرج منها فى 4/4/1963 وكان لتفوقه الرياضى وقوامه الممشوق دوراً فى إلحاقه على إحدى كتائب سلاح الصاعقة الذى كان هناك إهتماماً كبيراً به فى ذلك الوقت.
قضى محى نوح عامين ونصف العام ضمن تشكيلات الجيش المصرى باليمن لدعم ثورته.
عاد من اليمن ليكون ضمن تشكيل من قوات الصاعقة مكلفة بحماية منطقة شرم الشيخ بجنوب سيناء .. ولما نشبت حرب يونيه 1967وكان إتجاه هجوم العدو من القطاع الشمالى والأوسط من سيناء فقد تم سحب وحدته من الجنوب إلى الأسماعيلية أولاً ثم كلف بقيادة سريته ضمن كتيبة صاعقة للتحرك شرق القناة إلى القنطرة ثم التمركز فى منطقة جلبانة قبل رمانة لإيقاف تقدم لواء مدرع إسرائيلى فى إتجاهه نحو القناة يوم السادس من يونيو .. وبالفعل تم توزيع قوات الصاعقة وعمل الحفر البرميلية وتم دعمهم بعشرة دبابات مصرية تابعة لأحد الألوية المدرعة المصرية كان من ضمن أطقمها الملازم أول طارق واصل نجل الفريق عبد المنعم واصل الذى قاد الجيش الثالث فى حرب أكتوبر. تمكنت هذه القوة المصرية من إيقاف لواء مدرع إسرائيلى كامل بعد أن كبدته خسائر كبيرة .. فتوقف العدو ولم يجرؤ على التقدم تلك الليلة.. وفى صباح اليوم التالى 7 يونيه هاجم العدو الموقع بطائراته الحربية فى ظل غياب غطاء جوى مصرى فتمكن من تدمير الدبابات العشرة بأكملها بالأضافة إلى التشوينات الادارية .. وإستطلعت بعد ذلك طائرات هليوكوبتر للعدو الموقع المصرىوتأكدت من الدمار الذى حل به وأبلغت اللواء المدرع الذى قام بأقتحام الموقع .. وأعطى النقيب محى نوح أوامره لسريته بالأحتماء بالحفر البرميلية وعد الأشتباك مع العدو إلا بعد أن يدخل فى مرمى نيران الأسلحة الآلية والآربيجيهات .. ومالبث أن إحتدم القتال وأوقع الجانب المصرى خسائر فى أفراد العدو مما دفعهم للأحتماء داخل الدبابات .. وللأسف لم تجدى طلقات الآربيجيه مع الدبابات الإسرائيلية الحديثة أمريكية الصنع من نوع الباتون 48 كثيفة الدروع .. فبدأ القتال المتلاحم بين رجال الصاعقة وقلاع الفولاذ فبدأ رجال الصاعقة فى إستخدام القنابل اللاصقة فى باطن الدبابات أثناء مرور الدبابات فوق حفرهم البرميلية فى محاولة القضاء على الأبطال المصريون ولكن هذه القنابل أيضاً لم تحقق الهدف منها فى تدمير الدبابات وكان أقصى ما حققته هو إيقاف الدبابة ومنعها من الحركة .. فأضطر رجال الصاعقة للأنسحاب وسط قذائف دبابات العدو ومطاردة طائراته الهليوكوبتر .. وأخيراً إستقر المطاف بباقى قوة الصاعقة المنهكة إلى الكاب جنوب بور سعيد بواسطة أحد قوارب إرشاد هيئة قناة السويس .. ومن هناك إنتقلوا بأحد القطارات إلى مدينة بور سعيد حيث تجمعوا بمدرسة أشتوم الجميل ..
وفى هذه الظروف العصيبة كلفت وحدات الصاعقة بمهمة إنسانية وهى إحضار الجنود المصريين الشاردين فى سيناء وسط قوات العدو التى وصلت إلى ضفة القناة الشرقية .. وإستقل النقيب محى نوح أحد القوارب بعد أن إرتدى جلباباً بلدياً محملاً بالمياه العذبة والمؤن وإتجه إلى بحيرة البردويل لأحضار الجنود الذين إتجهوا إلى تلك المنطقة .
ومالبثت قوات الصاعقة أن عادت لأداء أدورها القتالية ضد العدو المتغطرس وتجلى ذلك فى أول يوليو بمعركة رأس العش الشهيرة حيث كلف النقيب محى نوح وخليل جمعة خليل وعبد الوهاب الزهيرى وعدد من رجال كتيبة الصاعقة التى كان يقودها الرائد سيد الشرقاوى للعبور شرقا لوقف تقدم العدو فى محاولته الأستيلاء على مدينة بور فؤاد وبالفعل تكبد العدو خسائر فادحة وفشل فى تحقيق مهمته فى أول مواجهة حقيقية بعد أقل من شهر من نهاية نكسة يونيو .. وكان من ضمن من أبلوا بلاءاً حسناً فى هذه المعركة وأصيب الملازم أول الجزار والملازم أول نادر عبد الله ضارب مدفع الهاون .
عاد النقيب محى نوح إلى الغرب مرة أخرى وكلف بيقيادة سرية تقوم بتأمين مناطق رأس العش والتينة والكاب .. وفى يوم 8 يوليو شاهد 4 عربات مجنزرة إسرائيلية ودبابتين أمام منطقة رأس العش فى محاولة لأقامة موقع بهذه المنطقة فجهز المقاتل محى نوح الرجال اللازمين للمهمة ومنهم الضابط محمود حنفى وطاقم قاذفى آربى جيه وتم الأتفاق على أن تكون إشارة بدأ الهجوم على العدو أول قذيفة يطلقها قائدهم محى .. وبالفعل ما هى إلا لحظات قليلة ومن موقعهم على الضفة الغربية بالقناة إنهالت قذائف الآربي جيه المصرية على دبابات ومجنزرات العدو فدمرت عرباته المجنزرة الأربع وإحدى الدبابتين فى حين فرت الدبابة الأخرى جنوباً فخرج البطل محى من مخبأه وأخذ يطارد الدبابة فى منظر طريف دبابة إسرائيلية فارة على الضفة الشرقية ، وجندى صاعقة فارع الطول يطاردها ويجرى خلفها على الضفة الغربية . . ولم تمضى أكثر من نصف الساعة حتى جائت طائرات العدو تقصف الموقع الذى دمر مجنزراتها قصفا شديداً فى عملية إنتقامية لم تقتصر على قصف المواقع العسكرية بل إمتدت نحو المواقع المدنية فضربوا طرق المواصلات والطرق الحديدية ، وشبكات المياه ، وفندق بور سعيد وأزهقوا أرواح أعداد كبيرة من المدنيين ، وأستشهد عدد من جنود حرس الحدود فى المنطقة الذين كانوا يشجعون أبطال الصاعقة أثناء إشتباكهم مع قوات العدو فكانوا يصفقون لكل دبابة أو مجنزرة تدمر .. وأثناء القصف إحتمى محى ورجاله بالملاحات الخلفية فلم يصب منهم أحد سوى محى الذى أصيب ببعض شظايا القصف .. ولما كانت الأتصالات مقطوعة مع القيادة حضر إليهم النقيب نزيه لمعرفة ماحدث وحل محل النقيب محى الذى أخلى إلى مستشفى بور سعيد.
فى أوائل عام 1968 كانت كتيبة الصاعقة التى تضم المقاتل محى نوح تحت تصرف القيادة لأنتقاء عناصر من بينهم لتكون قوام مجموعة العمليات الخاصة التى يقودها العقيد الرفاعى الذى كان قد سبق له قيادة مجموعات قليلة العدد عبر بها القناة للقيام بأعمال تدمير وإستطلاع للعدو.. وكلف الرفاعى النقيب محى الذى سبق تعارفهما وهما ضمن صفوف وحدات الصاعقة بإختيار أفضل العناصر من كتيبته من ضباط ، وصف ضباط ، وجنود لضمهم إلى المجموعة التى كان قوامها الرفاعى قائداً للمجموعة ، والعقيد عالى نصر طبيباً ، والرائد أحمد رجائى عطية ، وفصيلة من الصاعقة البحرية ، وفصيلة من إحدى فصائل الصاعقة بالأضافة إلى المجموعة التى إختارها النقيب محى نوح من كتيبته حتى بلغ عدد أفراد المجموعة ما يقرب من 200 مقاتل كانوا يتنافسون فيما بينهم لكى يحظوا بالخروج فى عمليات مع قائدهم الرفاعى .. ويذكر المقاتل محى نوح أن الرفاعى على الرغم من عدم ضخامة الحجم أو الطول الفارع إلا أنه كان يمتع بصفة الجرأة المتناهية التى تمكن من بثها فى كل من كان يعمل معه .. وحملت المجموعة أسماء مختلفة منها مجموعة الكوماندوز المصريون ، ومنظمة سيناء العربية ، وعندما إكتمل عدد العمليات التى قاموا بها ضد العدو 39 عملية حملت إسم " المجموعة 39-قتال"
ويتذكر اللواء محى واحدة من أهم العمليات التى شارك فيها وهى عملية لسان التمساح الأولى فى 19/4/1969 رداً على إستشهاد الفريق عبد المنعم رياض فى 9مارس 1969 .. وبتكليف من القيادة العليا تم تكليف الرفاعى ومجموعته بالقيام بعمل ثأرى قوى يكلف العدو أكبر الخسائر وأختاروا نفس الموقع الذى أطلق قذائفه على الشهيد رياض وتم الأستطلاع الجيد للموقع من الضفة الغربية للقناة من فوق مبنى الارشاد .. فتم معرفة عدد أفراد الموقع وتسليح الموقع وتم تصميم ماكيت للموقع ثم تشييد موقع هيكلى بنفس التصميم بمنطقة تجمع المجموعة ، وتم إختيار من ستوكل إليهم المهمة وتم توزيع الأدوار عليهم وتدرب كل فرد على ما سيقوم به فى التوقيتات المحددة
وكان موقع لسان التمساح مكون من 4 دشم إثنان فى الأمام وإثنان فى الخلف محصنة تحصيناً شديداً يحميها من أى قصف مدفعى من أثقل الأعيرة فكان تحصينها من فلنكات وقضبان السكك الحديدية وشكاير الرمل يوصل بينها أنفاق لحركة الجنود كى لا يخرج منهم أحد على سطح الأرض أثناء الأشتباكات وبها مزاغل لدفعية ثقيلة الأعيرة لضرب مدينة الأسماعيلية ..
وبعد التدريب الجيد على تنفيذ العملية وبعد آخر ضوء من يوم 19/4/1969 قاد الرفاعى رجاله فى 6 قوارب كانت تحت قيادة عالى نصر لعبور بحيرة التمساح تحت قصف مدفعى بطول الجبهة كى لا يعلم العدو إتجاه الهجوم حتى وصلت المجموعة جنوب الموقع بحوالى 100 متر وكان العميد مصطفى كمال هو ضابط الأتصال على الضفة الغربية فتم طلب رفع ضرب المدفعية عن الضفة الشرقية
وتحركة مجموعات الأقتحام نحو أهدافها النقيب محى نوح ورجاله الأثنى عشر الدشمة رقم 1 .. والرائد أحمد رجائى عطية الدشمة رقم 2.. والنقيب وئام سالم الدشمة رقم 3 .. والنقيب محسن طه دشمة رقم 4 .. وبدأت كل مجموعة فى تنفيذ مهامها .. فبدأت مجموعة محى نوح فى إلقاء قنابل الدخان والقنابل الحارقة بالمزغل .. وبدأ العدو فى الخروج فتم التعامل معه بجميع أنواع الأسلحة .. رشاشات ، وقنابل يدوية ، وسلاح أبيض .. وحدث ذلك بجميع الدشم .. فتم القضاء على كل من بالموقع .. وتم حرق منطقة الشؤن الادارية للموقع بما تضمه من مؤن .. وظل أبطال المجموعة يدمرون فى الموقع لمدة ساعتين متواصلتين تم خلالها إنزال العلم الاسرائيلى من أعلى الموقع وحرقه ، ورفع العلم المصرى مكانه ، والأستيلاء على بعض الأسلحة الخفيفة من داخل الموقع .. حتى طلبت منهم القيادة العودة لتحرك إحتياطات العدو من المدرعات بأعداد كبيرة نحوهم ، وبدأ العدو فى إعطاء تعليماته لقواته الجوية بالتدخل.. وأثناء إنسحاب رجال المجموعة من الموقع إكتشف النقيب محى نوح دشمة لم تكن ظاهرة من قبل فألقى داخلها قنبلة يدوية فإتضح إنها كانت مخزناً للذخيرة بدأت الذخيرة فى الأنفجار وتطايرت الشظايا التى أصابت البطل فى ظهره ووجهه وجانب عنقه .. عاد الأبطال بسلام وأخلى البطل محى إلى الضفة الغربية برفقة طبيب المجموعة المقاتل الجسور الرائد عالى نصر إلى مستشفى القصاصين حيث تم عمل بعض الجراحات العاجلة ونقل الدم له .. وفى اليوم التالى نقلته طائرة هليوكوبتر إلى مستشفى المعادى وبمجرد هبوط الطائرة وجد على باب الطائرة فى إنتظاره اللواء محمد صادق مدير المخابرات الحربية فى ذلك الوقت لتحيته والأطمئنان عليه ولما وجد ملابسه مخضبة بالدماء طلب له غيارات وملابس جديدة ، وسأله عما إذا كانت أسرته تعلم بأصابته .. فأجاب بالنفى فأمر اللواء صادق بسيارة تذهب إلى منزله وأحضرت زوجته للأطمئنان عليه .. وأوصى عليه الأطباء .. تركه اللواء صادق بعض الوقت وعاد عند مغرب هذا اليوم وطلب منه الأستعداد النفسى لأستقبال شخصية كبيرة ستأتى لزيارته .. ومضى بعض الوقت فإذا بالفريق صادق يدخل الحجرة برفقة الرئيس جمال عبد الناصر والفريق محمد فوزى وزير الحربية ، ولما أرادت أسرة البطل مغادرة الحجرة طلب منهم أن يظلوا إلى جواره ،وقدم اللواء صادق البطل للرئيس قائلاً:
النقيب محى من الضباط الممتازين بالأستطلاع والمخابرات ممن قاموا بعملية الاغارة
وسأل الريس عبد الناصر الطبيب المعالج إذا كانت الحالة الصحية للبطل تمكنه من محادثته فأخبره الطبيب بالأيجاب ..
وأستمع عبد الناصر من البطل الجريح كل تفاصيل العملية والسعادة والرضا والفخر مرسومة على وجه الزعيم الخالد .. وكيف تم تدمير الموقع بالكامل والقضاء على أكثر من 40 ضابط وجندى إسرائيلى فى موقع لسان التمساح ، وكانت إستغاثتهم مرصودة على أجهزة التصنت المصرية ، وهو ما يثبت كذب الدعاية الصهيونية عن الجندى الذى لا يقهر.
وفى نهاية الزيارة طلب الرئيس عبد الناصر الأستزادة من مثل هذه العمليات وضرب العدو فى كل أنحاء سيناء حتى يتحقق النصر .وكم كانت سعادة النقيب محى من هذه الزيارة التى أشعرته بحنان الأب تجاه أبنائه ورعايته لهم .
وفى اليوم التالى حضرت وسائل الإعلام للقاء البطل ، وجائت زيارات من كتائب الصاعقة للتهنئة .
وقد إستغرق العلاج بالمستشفى أكثر من شهر شمل عمليات تجميل فى الوجه ، وإزالة بعض الشظايا من العنق وترك البعض الآخر لخطورة إخراجها ومازالت تلك الشظايا موجودة حتى الآن .. وشمل العلاج جلسات علاج طبيعى على الظهر .. وخلال إحدى زيارات قائده الشهيد الرفاعى علم منه بموعد العملية التالية وكانت قد تقرر لها 8/8/69 ضد نفس الموقع السابق بعد أن زاد العدو من تحصيناته وتسليحه وعدد أفراده فأصر محى على الخروج من المستشفى للأشتراك فى تلك العملية ..
كالمعتاد تم إستطلاع الموقع مرة أخرى وتأكد من من وجود موانع هندسية حوله تمثلت فى الأسلاك الشائكة وحقول الألغام فضلاً عن زيادة تحصين الدشم .. وتم الأتفاق على مهاجمة الموقع من خلال الثغرات التى تركها العدو فى الموانع الهندسية لتحرك جنوده .. وتم الهجوم على الموقع بنفس التشكيل السابق .. ولكن حدثت المفاجأة فأثناء الهجوم إنفجر لغمين فسفوريين فى مجموعتى محى ورجائى أصاب اللغم الأول المقاتل الذى خلف النقيب محى إصابة جسيمة وأصيب النقيب محى إصابة فى ظهره لم يشعر بها فى وقتها ولكنه لم يتوقف وجذب الجندى الذى سقط خلفه وراءه لكى لا يعيق حركة باقى المجموعة .. أما الرائد رجائى فأصابه اللغم فأصبح متوهجاً كعمود نيون منتصب فما كان من رجال مجموعته وكان من بينهم المقاتل مصطفى إبراهيم إلا أن أسقطوه أرضاً وأهالوا عليه الرمال لأطفائه .. وشعر العدو بالأبطال فأطلقوا دانات الفيلرز المضيئة لكى يشتبكوا مع رجال المجموعة .. فكان الأبطال ينبطحون أرضاً عند كل إضاءة ويهبوا بعدها للأشتباك مع العدو .. وعلى عجل حضرت مدرعات العدو إلى المنطقة ودارت معركة شديدة بين الطرفين تكبد فيها العدو الكثير من الخسائر .. وأصدر الرفاعى أوامره لرجاله بالأنسحاب من المعركة والعودة إلى الضفة الغربية للقناة وقد أستشهد من رجال المجموعة فى هذه العملية 9 شهداء وأصيب 23 مقاتلاً .. ولم تنجح هذه العملية فى تدمير الموقع تدميراً تاماً .
ويروى البطل ذكرياته عن عملية أخرى من عمليات الفداء والبطولة ..وهى عملية تدمير مطار الطور يوم 2/5/1970 حيث تم التوجه إلى منطقة الزعفرانة حيث نقطة الانطلاق وتحضير القوات للعبور .. فتم نفخ القوارب الزودياك وتثبيت المواتير .. وإرتداء بدل الغطس ..
وتحميل القواذف والألغام .. وبالرغم من إرتفاع الموج إلى 6 أمتار، وجو قارص البرودة فى ذلك اليوم إلا أن الرفاعى أصر على تنفيذ المهمة وبعد آخر ضوء إنطلقت القوارب فى إتجاه الطور .. كان النقيب محى نوح واقفاً فى مقدمة أحد القوارب وإرتفعت مقدمة القارب بشدة إلى أعلى أحد الأمواج ثم هبط فجأة بعنف فما كان من البطل إلا أنه وجد نفسه طائراً فى الهواء ثم غاص فى الماء أسفل القارب مباشرة فى الظلام فتشبث بحبل تثبيت القارب بشدة وهو تحت سطح الماء ويسمع ضوضاء رفاص المحرك .. كان فى موقف لا يحسد عليه فلو أفلتت يديه لشطره رفاص المحرك أشلاء .. وفى أحسن الظروف لو نجى من المحرك لأبتلعته الأمواج وما شعر به أحد .. وفى الوقت نفسه هو تحت سطح الماء لا يستطيع التنفس ويدأ الماء المالح يتسرب إلى جوفه .. وفى تلك الأثناء شاهد صورة طفلته حديثة الولادة أمامه مباشرة .. وتجلت عناية الله له عندما أوقف قائد اللنش المساعد على أبو الحسن اللقارب عندما إكتشف عدم وجوده حينئذ فقط تحرك النقيب محى وهو ملامس باطن القارب إلى أحد أجنابه ورفع يده لأعلى فجذبه أبو الحسن وباقى الرجال إلى سطح القارب .. فوقف بكل شجاعة رغم ما حل به حتى يحافظ على معنويات زملائه حتى وصلوا للمركب اللبنانيةالجانحة بالقرب من شاطئ الطور فنصبوا صواريخهم ، وضبطوا الأتجاه والتوقيت .. وقامت مجموعة أخرى بتلغيم الطرق المؤدية إلى المطار .. وإستمرت عملية قصف المطار 40 دقيقة بعدة قصفات بفارق زمنى ضئيل بين كل قصفة . وتكبد العدو خسائر كبيرة بتدمير المطار وملحقاته وممراته وعدد من مجنزراته فضلاً عن الخسائر البشرية بين صفوفه. . وأثناء العودة ولأرتفاع الموج الشديد سقط بطل آخر فى الماء ولكنه شوهد فتم محاصرته بالقوارب وإنقاذه وهو الرقيب غريب..وعادت المجموعة بسلام بعد أن نفذت مهمتها.
وكان من المفترض أن تزور جولدا مائير هذا المطار فى اليوم التالى لرفع الروح المعنوية لجنودها فى سيناء الجنوبية ,, ولكن بعد الدمار الذى لحق بالمطار تم تعديل الزيارة بعد أن جعلها أبطال المجموعة فى حاجة لمن يرفع لها روحها المعنوية .
ومالبثت أن طلبت إسرائيل وقف إطلاق النار من خلال وزير الخارجية الأمريكى روجرز وقبلت مصر لبناء حائط صواريخها .. أما المجموعة 39 فكانت فرصة لها للتدريب والتزود بالمعدات والأسلحة الحديثة .. وأما محى نوح فكانت فرصة له لمزاولة رياضته المحببة وبكل شراسة وعنف لم يصمد أمامه أحد على حلبة الملاكمة حيث كان ضمن فريق الملاكمة بنادى الزمالك فأختير لتمثيل مصر فى بطولة العالم العسكرية فى إيران وأطاح بأبطال العالم العسكرين الواحد تلو الآخر حتى يحوز على بطولة العالم العسكرية فى 23/9/ 1973 .. وكانت فأل خير لحرب أكتوبر المجيدة التى إندلعت بعدها بفترة قصيرة .
وكلف رجال المجموعة مع بداية حرب أكتوبر بعمليات فى عمق العدو الغرض منها تشتيت إنتباهه ، وتدمير مستودعات بتروله لحرمانه مما يحتاجه من الوقود اللازم لأدارة عجلة الحرب لديه مع تلغيم طرقه ومدقاته ، وتدمير مخازن زخيرته وتعطيل إحتياطياته .. ويتذكر البطل محى نوح تلك العملية فى مساء أول أيام المعركة ضد خزانات ومصافى البترول على خليج السويس وتم الهجوم بواسطة 3 طائرات هليوكوبتر إستقلوها من قاعدة شمال القاهرة بعد أن تزودوا بطلقات الحارق خارق وتم الهجوم وتدمير الأهداف بالرغم من مقاومة عنيفة من العدو بواسطة دفاعاته الأرضية تسببت فى سقوط إحدى طائرات الهليوكوبتر المهاجمة وأستشهد طيارها وأصيب من فيها ومنهم المقاتل البطل فؤاد مراد .
وفى يوم آخر تم ضرب مواقع بترول العدو بمنطقة شراتيب ولكن هذه المرة بواسطة القوارب وإستحدام الأربيجيهات والأسلحة الحارق خارق ..
وعندما حدثت ثغرة الدفرسوار طلب من المجموعة التجمع والذهاب إلى الإسماعيلية بتكليف من القيادة بضرب المعبر الوحيد للعدو وتدميره..
وعند الوصول إلى الاسماعيلية قابل الرفاعى الفريق سعد الدين الشاذلى رئيس الأركان الذى كان قد وصل إلى هناك لإبلاغ القيادة بحقيقة أمر الثغرة .. فكلفه الفريق الشاذلى بمهمة أخرى وهى تدمير العدو بمنطقة الثغرة وأعطاه خط سير بمنطقة السرابيوم ..
وفى الصباح الباكر عندما تحرك الرفاعى مع بعض رجاله لأستطلاع العدو وحدث إشتباك بين فصيلة من مدرعات العدو مع مجموعته الصغيرة بالقرب من إحدى قواعد الصواريخ المصرية .. وهو الأشتباك الذى أصيب خلاله الرفاعى الأصابة التى لقى ربه على أثرها ..وعقب إستشهاد الرفاعى ، وعودة الرائد عالى نصر ، والرائد العجيزى إلى القاهرة بناء على أوامر القيادة أستدعى النقيب محى نوح إلى قيادة الجيش الثانى لمقابلة اللواء عبد المنعم خليل الذى أعطاه تكليفات للمجموعة بالتوجه إلى جبل مريم جنوب الأسماعيلية لدعم رجال المظلات الذين يقاتلون العدو هناك وبالتنسيق بين النقيب محى الذى تولى قيادة المجموعة وبين العميد محمود عبد الله قائد سلاح المظلات ، والعميد إسماعيل عزمى قائد لواء المظلات إنتشر أبطال المجموعة أمام جبل مريم ليكونوا حاجز صلد بين العدو وقوات المظلات المصرية ومنعوا العدو من دخول الإسماعيلية فى الوقت الذى قامت فيه قوات الصاعقة فى تدميرالعدو بنفيشة وأبو عطوة حتى يوم 22 أكتوبر.. وبالرغم من قرار وقف إطلاق النار إلا ان العدو واصل تقدمه نحو السويس حتى يوم 24 أكتوبر وملحمة السويس إلى أن وضعت الحرب أوزارها ..
وأستمر اللواء محى نوح على عطائه للقوات المسلحة حينما عمل على الأشراف على على قوات الأمم المتحدة بسيناء أثناء إستلام باقى سيناء .. حتى ترك الخدمة العسكرية عام 1986 .
لم يتوقف عطاء البطل لمصر فهو حالياً عضو مجلس محلى لمحافظة 6 أكتوبر ، ورئيس لجنة الشباب بها، ومدير عام شركة جاتو أرامتك التى تعمل فى المجالات الاستثمارية.
الأنواط والأوسمة التى حصل عليها:
• ميدالية الترقية الأستثنائية 29/4/1956 .
• نوط الشجاعة العسكرى من الطبقة الأولى 3/4/1969 .
• نوط الجمهورية العسكرى من الطبقة الثانية 10/2/1970 .
• نوط النجمة العسكرية 18/8/1971 .
• نوط الجمهورية العسكرى من الطبقة الأولى 19/2/1974 .
بالأضافة إلى ما سبق من أوسمة ونياشين هناك 4 أوسمة أخرى يعتز بها البطل وهى 4 إصابات أثناء العمليات لازالت آثارها بادية فى الجبهة ، والعنق ، والظهر ، والساعد الأيمن حيث إخترقته إحدى رصاصات العدو ولازال مكان دخول وخروج الرصاصة باقية..
هذا أسد من أسود مصر عمل بجوار الشهيد إبراهيم الرفاعى فى المجموعة 39- قتال لعل أبنائنا الشباب يجدوا فيه المثل ، والقدوة التى تضئ لهم الطريق ..
منقول للافادة
ولد محى نوح فى 6 أغسطس من عام 1943 بمحافظة الشرقية ومرت به مراحل التعليم بتفوق رياضى واضح فى
لعبة الملاكمة حيث تفوق على أقرانه وحصل على بطولة مدارس الجمهورية وبطولة القطر المصرى .
إلتحق بالكلية الحربية عام 1961 وتخرج منها فى 4/4/1963 وكان لتفوقه الرياضى وقوامه الممشوق دوراً فى إلحاقه على إحدى كتائب سلاح الصاعقة الذى كان هناك إهتماماً كبيراً به فى ذلك الوقت.
قضى محى نوح عامين ونصف العام ضمن تشكيلات الجيش المصرى باليمن لدعم ثورته.
عاد من اليمن ليكون ضمن تشكيل من قوات الصاعقة مكلفة بحماية منطقة شرم الشيخ بجنوب سيناء .. ولما نشبت حرب يونيه 1967وكان إتجاه هجوم العدو من القطاع الشمالى والأوسط من سيناء فقد تم سحب وحدته من الجنوب إلى الأسماعيلية أولاً ثم كلف بقيادة سريته ضمن كتيبة صاعقة للتحرك شرق القناة إلى القنطرة ثم التمركز فى منطقة جلبانة قبل رمانة لإيقاف تقدم لواء مدرع إسرائيلى فى إتجاهه نحو القناة يوم السادس من يونيو .. وبالفعل تم توزيع قوات الصاعقة وعمل الحفر البرميلية وتم دعمهم بعشرة دبابات مصرية تابعة لأحد الألوية المدرعة المصرية كان من ضمن أطقمها الملازم أول طارق واصل نجل الفريق عبد المنعم واصل الذى قاد الجيش الثالث فى حرب أكتوبر. تمكنت هذه القوة المصرية من إيقاف لواء مدرع إسرائيلى كامل بعد أن كبدته خسائر كبيرة .. فتوقف العدو ولم يجرؤ على التقدم تلك الليلة.. وفى صباح اليوم التالى 7 يونيه هاجم العدو الموقع بطائراته الحربية فى ظل غياب غطاء جوى مصرى فتمكن من تدمير الدبابات العشرة بأكملها بالأضافة إلى التشوينات الادارية .. وإستطلعت بعد ذلك طائرات هليوكوبتر للعدو الموقع المصرىوتأكدت من الدمار الذى حل به وأبلغت اللواء المدرع الذى قام بأقتحام الموقع .. وأعطى النقيب محى نوح أوامره لسريته بالأحتماء بالحفر البرميلية وعد الأشتباك مع العدو إلا بعد أن يدخل فى مرمى نيران الأسلحة الآلية والآربيجيهات .. ومالبث أن إحتدم القتال وأوقع الجانب المصرى خسائر فى أفراد العدو مما دفعهم للأحتماء داخل الدبابات .. وللأسف لم تجدى طلقات الآربيجيه مع الدبابات الإسرائيلية الحديثة أمريكية الصنع من نوع الباتون 48 كثيفة الدروع .. فبدأ القتال المتلاحم بين رجال الصاعقة وقلاع الفولاذ فبدأ رجال الصاعقة فى إستخدام القنابل اللاصقة فى باطن الدبابات أثناء مرور الدبابات فوق حفرهم البرميلية فى محاولة القضاء على الأبطال المصريون ولكن هذه القنابل أيضاً لم تحقق الهدف منها فى تدمير الدبابات وكان أقصى ما حققته هو إيقاف الدبابة ومنعها من الحركة .. فأضطر رجال الصاعقة للأنسحاب وسط قذائف دبابات العدو ومطاردة طائراته الهليوكوبتر .. وأخيراً إستقر المطاف بباقى قوة الصاعقة المنهكة إلى الكاب جنوب بور سعيد بواسطة أحد قوارب إرشاد هيئة قناة السويس .. ومن هناك إنتقلوا بأحد القطارات إلى مدينة بور سعيد حيث تجمعوا بمدرسة أشتوم الجميل ..
وفى هذه الظروف العصيبة كلفت وحدات الصاعقة بمهمة إنسانية وهى إحضار الجنود المصريين الشاردين فى سيناء وسط قوات العدو التى وصلت إلى ضفة القناة الشرقية .. وإستقل النقيب محى نوح أحد القوارب بعد أن إرتدى جلباباً بلدياً محملاً بالمياه العذبة والمؤن وإتجه إلى بحيرة البردويل لأحضار الجنود الذين إتجهوا إلى تلك المنطقة .
ومالبثت قوات الصاعقة أن عادت لأداء أدورها القتالية ضد العدو المتغطرس وتجلى ذلك فى أول يوليو بمعركة رأس العش الشهيرة حيث كلف النقيب محى نوح وخليل جمعة خليل وعبد الوهاب الزهيرى وعدد من رجال كتيبة الصاعقة التى كان يقودها الرائد سيد الشرقاوى للعبور شرقا لوقف تقدم العدو فى محاولته الأستيلاء على مدينة بور فؤاد وبالفعل تكبد العدو خسائر فادحة وفشل فى تحقيق مهمته فى أول مواجهة حقيقية بعد أقل من شهر من نهاية نكسة يونيو .. وكان من ضمن من أبلوا بلاءاً حسناً فى هذه المعركة وأصيب الملازم أول الجزار والملازم أول نادر عبد الله ضارب مدفع الهاون .
عاد النقيب محى نوح إلى الغرب مرة أخرى وكلف بيقيادة سرية تقوم بتأمين مناطق رأس العش والتينة والكاب .. وفى يوم 8 يوليو شاهد 4 عربات مجنزرة إسرائيلية ودبابتين أمام منطقة رأس العش فى محاولة لأقامة موقع بهذه المنطقة فجهز المقاتل محى نوح الرجال اللازمين للمهمة ومنهم الضابط محمود حنفى وطاقم قاذفى آربى جيه وتم الأتفاق على أن تكون إشارة بدأ الهجوم على العدو أول قذيفة يطلقها قائدهم محى .. وبالفعل ما هى إلا لحظات قليلة ومن موقعهم على الضفة الغربية بالقناة إنهالت قذائف الآربي جيه المصرية على دبابات ومجنزرات العدو فدمرت عرباته المجنزرة الأربع وإحدى الدبابتين فى حين فرت الدبابة الأخرى جنوباً فخرج البطل محى من مخبأه وأخذ يطارد الدبابة فى منظر طريف دبابة إسرائيلية فارة على الضفة الشرقية ، وجندى صاعقة فارع الطول يطاردها ويجرى خلفها على الضفة الغربية . . ولم تمضى أكثر من نصف الساعة حتى جائت طائرات العدو تقصف الموقع الذى دمر مجنزراتها قصفا شديداً فى عملية إنتقامية لم تقتصر على قصف المواقع العسكرية بل إمتدت نحو المواقع المدنية فضربوا طرق المواصلات والطرق الحديدية ، وشبكات المياه ، وفندق بور سعيد وأزهقوا أرواح أعداد كبيرة من المدنيين ، وأستشهد عدد من جنود حرس الحدود فى المنطقة الذين كانوا يشجعون أبطال الصاعقة أثناء إشتباكهم مع قوات العدو فكانوا يصفقون لكل دبابة أو مجنزرة تدمر .. وأثناء القصف إحتمى محى ورجاله بالملاحات الخلفية فلم يصب منهم أحد سوى محى الذى أصيب ببعض شظايا القصف .. ولما كانت الأتصالات مقطوعة مع القيادة حضر إليهم النقيب نزيه لمعرفة ماحدث وحل محل النقيب محى الذى أخلى إلى مستشفى بور سعيد.
فى أوائل عام 1968 كانت كتيبة الصاعقة التى تضم المقاتل محى نوح تحت تصرف القيادة لأنتقاء عناصر من بينهم لتكون قوام مجموعة العمليات الخاصة التى يقودها العقيد الرفاعى الذى كان قد سبق له قيادة مجموعات قليلة العدد عبر بها القناة للقيام بأعمال تدمير وإستطلاع للعدو.. وكلف الرفاعى النقيب محى الذى سبق تعارفهما وهما ضمن صفوف وحدات الصاعقة بإختيار أفضل العناصر من كتيبته من ضباط ، وصف ضباط ، وجنود لضمهم إلى المجموعة التى كان قوامها الرفاعى قائداً للمجموعة ، والعقيد عالى نصر طبيباً ، والرائد أحمد رجائى عطية ، وفصيلة من الصاعقة البحرية ، وفصيلة من إحدى فصائل الصاعقة بالأضافة إلى المجموعة التى إختارها النقيب محى نوح من كتيبته حتى بلغ عدد أفراد المجموعة ما يقرب من 200 مقاتل كانوا يتنافسون فيما بينهم لكى يحظوا بالخروج فى عمليات مع قائدهم الرفاعى .. ويذكر المقاتل محى نوح أن الرفاعى على الرغم من عدم ضخامة الحجم أو الطول الفارع إلا أنه كان يمتع بصفة الجرأة المتناهية التى تمكن من بثها فى كل من كان يعمل معه .. وحملت المجموعة أسماء مختلفة منها مجموعة الكوماندوز المصريون ، ومنظمة سيناء العربية ، وعندما إكتمل عدد العمليات التى قاموا بها ضد العدو 39 عملية حملت إسم " المجموعة 39-قتال"
ويتذكر اللواء محى واحدة من أهم العمليات التى شارك فيها وهى عملية لسان التمساح الأولى فى 19/4/1969 رداً على إستشهاد الفريق عبد المنعم رياض فى 9مارس 1969 .. وبتكليف من القيادة العليا تم تكليف الرفاعى ومجموعته بالقيام بعمل ثأرى قوى يكلف العدو أكبر الخسائر وأختاروا نفس الموقع الذى أطلق قذائفه على الشهيد رياض وتم الأستطلاع الجيد للموقع من الضفة الغربية للقناة من فوق مبنى الارشاد .. فتم معرفة عدد أفراد الموقع وتسليح الموقع وتم تصميم ماكيت للموقع ثم تشييد موقع هيكلى بنفس التصميم بمنطقة تجمع المجموعة ، وتم إختيار من ستوكل إليهم المهمة وتم توزيع الأدوار عليهم وتدرب كل فرد على ما سيقوم به فى التوقيتات المحددة
وكان موقع لسان التمساح مكون من 4 دشم إثنان فى الأمام وإثنان فى الخلف محصنة تحصيناً شديداً يحميها من أى قصف مدفعى من أثقل الأعيرة فكان تحصينها من فلنكات وقضبان السكك الحديدية وشكاير الرمل يوصل بينها أنفاق لحركة الجنود كى لا يخرج منهم أحد على سطح الأرض أثناء الأشتباكات وبها مزاغل لدفعية ثقيلة الأعيرة لضرب مدينة الأسماعيلية ..
وبعد التدريب الجيد على تنفيذ العملية وبعد آخر ضوء من يوم 19/4/1969 قاد الرفاعى رجاله فى 6 قوارب كانت تحت قيادة عالى نصر لعبور بحيرة التمساح تحت قصف مدفعى بطول الجبهة كى لا يعلم العدو إتجاه الهجوم حتى وصلت المجموعة جنوب الموقع بحوالى 100 متر وكان العميد مصطفى كمال هو ضابط الأتصال على الضفة الغربية فتم طلب رفع ضرب المدفعية عن الضفة الشرقية
وتحركة مجموعات الأقتحام نحو أهدافها النقيب محى نوح ورجاله الأثنى عشر الدشمة رقم 1 .. والرائد أحمد رجائى عطية الدشمة رقم 2.. والنقيب وئام سالم الدشمة رقم 3 .. والنقيب محسن طه دشمة رقم 4 .. وبدأت كل مجموعة فى تنفيذ مهامها .. فبدأت مجموعة محى نوح فى إلقاء قنابل الدخان والقنابل الحارقة بالمزغل .. وبدأ العدو فى الخروج فتم التعامل معه بجميع أنواع الأسلحة .. رشاشات ، وقنابل يدوية ، وسلاح أبيض .. وحدث ذلك بجميع الدشم .. فتم القضاء على كل من بالموقع .. وتم حرق منطقة الشؤن الادارية للموقع بما تضمه من مؤن .. وظل أبطال المجموعة يدمرون فى الموقع لمدة ساعتين متواصلتين تم خلالها إنزال العلم الاسرائيلى من أعلى الموقع وحرقه ، ورفع العلم المصرى مكانه ، والأستيلاء على بعض الأسلحة الخفيفة من داخل الموقع .. حتى طلبت منهم القيادة العودة لتحرك إحتياطات العدو من المدرعات بأعداد كبيرة نحوهم ، وبدأ العدو فى إعطاء تعليماته لقواته الجوية بالتدخل.. وأثناء إنسحاب رجال المجموعة من الموقع إكتشف النقيب محى نوح دشمة لم تكن ظاهرة من قبل فألقى داخلها قنبلة يدوية فإتضح إنها كانت مخزناً للذخيرة بدأت الذخيرة فى الأنفجار وتطايرت الشظايا التى أصابت البطل فى ظهره ووجهه وجانب عنقه .. عاد الأبطال بسلام وأخلى البطل محى إلى الضفة الغربية برفقة طبيب المجموعة المقاتل الجسور الرائد عالى نصر إلى مستشفى القصاصين حيث تم عمل بعض الجراحات العاجلة ونقل الدم له .. وفى اليوم التالى نقلته طائرة هليوكوبتر إلى مستشفى المعادى وبمجرد هبوط الطائرة وجد على باب الطائرة فى إنتظاره اللواء محمد صادق مدير المخابرات الحربية فى ذلك الوقت لتحيته والأطمئنان عليه ولما وجد ملابسه مخضبة بالدماء طلب له غيارات وملابس جديدة ، وسأله عما إذا كانت أسرته تعلم بأصابته .. فأجاب بالنفى فأمر اللواء صادق بسيارة تذهب إلى منزله وأحضرت زوجته للأطمئنان عليه .. وأوصى عليه الأطباء .. تركه اللواء صادق بعض الوقت وعاد عند مغرب هذا اليوم وطلب منه الأستعداد النفسى لأستقبال شخصية كبيرة ستأتى لزيارته .. ومضى بعض الوقت فإذا بالفريق صادق يدخل الحجرة برفقة الرئيس جمال عبد الناصر والفريق محمد فوزى وزير الحربية ، ولما أرادت أسرة البطل مغادرة الحجرة طلب منهم أن يظلوا إلى جواره ،وقدم اللواء صادق البطل للرئيس قائلاً:
النقيب محى من الضباط الممتازين بالأستطلاع والمخابرات ممن قاموا بعملية الاغارة
وسأل الريس عبد الناصر الطبيب المعالج إذا كانت الحالة الصحية للبطل تمكنه من محادثته فأخبره الطبيب بالأيجاب ..
وأستمع عبد الناصر من البطل الجريح كل تفاصيل العملية والسعادة والرضا والفخر مرسومة على وجه الزعيم الخالد .. وكيف تم تدمير الموقع بالكامل والقضاء على أكثر من 40 ضابط وجندى إسرائيلى فى موقع لسان التمساح ، وكانت إستغاثتهم مرصودة على أجهزة التصنت المصرية ، وهو ما يثبت كذب الدعاية الصهيونية عن الجندى الذى لا يقهر.
وفى نهاية الزيارة طلب الرئيس عبد الناصر الأستزادة من مثل هذه العمليات وضرب العدو فى كل أنحاء سيناء حتى يتحقق النصر .وكم كانت سعادة النقيب محى من هذه الزيارة التى أشعرته بحنان الأب تجاه أبنائه ورعايته لهم .
وفى اليوم التالى حضرت وسائل الإعلام للقاء البطل ، وجائت زيارات من كتائب الصاعقة للتهنئة .
وقد إستغرق العلاج بالمستشفى أكثر من شهر شمل عمليات تجميل فى الوجه ، وإزالة بعض الشظايا من العنق وترك البعض الآخر لخطورة إخراجها ومازالت تلك الشظايا موجودة حتى الآن .. وشمل العلاج جلسات علاج طبيعى على الظهر .. وخلال إحدى زيارات قائده الشهيد الرفاعى علم منه بموعد العملية التالية وكانت قد تقرر لها 8/8/69 ضد نفس الموقع السابق بعد أن زاد العدو من تحصيناته وتسليحه وعدد أفراده فأصر محى على الخروج من المستشفى للأشتراك فى تلك العملية ..
كالمعتاد تم إستطلاع الموقع مرة أخرى وتأكد من من وجود موانع هندسية حوله تمثلت فى الأسلاك الشائكة وحقول الألغام فضلاً عن زيادة تحصين الدشم .. وتم الأتفاق على مهاجمة الموقع من خلال الثغرات التى تركها العدو فى الموانع الهندسية لتحرك جنوده .. وتم الهجوم على الموقع بنفس التشكيل السابق .. ولكن حدثت المفاجأة فأثناء الهجوم إنفجر لغمين فسفوريين فى مجموعتى محى ورجائى أصاب اللغم الأول المقاتل الذى خلف النقيب محى إصابة جسيمة وأصيب النقيب محى إصابة فى ظهره لم يشعر بها فى وقتها ولكنه لم يتوقف وجذب الجندى الذى سقط خلفه وراءه لكى لا يعيق حركة باقى المجموعة .. أما الرائد رجائى فأصابه اللغم فأصبح متوهجاً كعمود نيون منتصب فما كان من رجال مجموعته وكان من بينهم المقاتل مصطفى إبراهيم إلا أن أسقطوه أرضاً وأهالوا عليه الرمال لأطفائه .. وشعر العدو بالأبطال فأطلقوا دانات الفيلرز المضيئة لكى يشتبكوا مع رجال المجموعة .. فكان الأبطال ينبطحون أرضاً عند كل إضاءة ويهبوا بعدها للأشتباك مع العدو .. وعلى عجل حضرت مدرعات العدو إلى المنطقة ودارت معركة شديدة بين الطرفين تكبد فيها العدو الكثير من الخسائر .. وأصدر الرفاعى أوامره لرجاله بالأنسحاب من المعركة والعودة إلى الضفة الغربية للقناة وقد أستشهد من رجال المجموعة فى هذه العملية 9 شهداء وأصيب 23 مقاتلاً .. ولم تنجح هذه العملية فى تدمير الموقع تدميراً تاماً .
ويروى البطل ذكرياته عن عملية أخرى من عمليات الفداء والبطولة ..وهى عملية تدمير مطار الطور يوم 2/5/1970 حيث تم التوجه إلى منطقة الزعفرانة حيث نقطة الانطلاق وتحضير القوات للعبور .. فتم نفخ القوارب الزودياك وتثبيت المواتير .. وإرتداء بدل الغطس ..
وتحميل القواذف والألغام .. وبالرغم من إرتفاع الموج إلى 6 أمتار، وجو قارص البرودة فى ذلك اليوم إلا أن الرفاعى أصر على تنفيذ المهمة وبعد آخر ضوء إنطلقت القوارب فى إتجاه الطور .. كان النقيب محى نوح واقفاً فى مقدمة أحد القوارب وإرتفعت مقدمة القارب بشدة إلى أعلى أحد الأمواج ثم هبط فجأة بعنف فما كان من البطل إلا أنه وجد نفسه طائراً فى الهواء ثم غاص فى الماء أسفل القارب مباشرة فى الظلام فتشبث بحبل تثبيت القارب بشدة وهو تحت سطح الماء ويسمع ضوضاء رفاص المحرك .. كان فى موقف لا يحسد عليه فلو أفلتت يديه لشطره رفاص المحرك أشلاء .. وفى أحسن الظروف لو نجى من المحرك لأبتلعته الأمواج وما شعر به أحد .. وفى الوقت نفسه هو تحت سطح الماء لا يستطيع التنفس ويدأ الماء المالح يتسرب إلى جوفه .. وفى تلك الأثناء شاهد صورة طفلته حديثة الولادة أمامه مباشرة .. وتجلت عناية الله له عندما أوقف قائد اللنش المساعد على أبو الحسن اللقارب عندما إكتشف عدم وجوده حينئذ فقط تحرك النقيب محى وهو ملامس باطن القارب إلى أحد أجنابه ورفع يده لأعلى فجذبه أبو الحسن وباقى الرجال إلى سطح القارب .. فوقف بكل شجاعة رغم ما حل به حتى يحافظ على معنويات زملائه حتى وصلوا للمركب اللبنانيةالجانحة بالقرب من شاطئ الطور فنصبوا صواريخهم ، وضبطوا الأتجاه والتوقيت .. وقامت مجموعة أخرى بتلغيم الطرق المؤدية إلى المطار .. وإستمرت عملية قصف المطار 40 دقيقة بعدة قصفات بفارق زمنى ضئيل بين كل قصفة . وتكبد العدو خسائر كبيرة بتدمير المطار وملحقاته وممراته وعدد من مجنزراته فضلاً عن الخسائر البشرية بين صفوفه. . وأثناء العودة ولأرتفاع الموج الشديد سقط بطل آخر فى الماء ولكنه شوهد فتم محاصرته بالقوارب وإنقاذه وهو الرقيب غريب..وعادت المجموعة بسلام بعد أن نفذت مهمتها.
وكان من المفترض أن تزور جولدا مائير هذا المطار فى اليوم التالى لرفع الروح المعنوية لجنودها فى سيناء الجنوبية ,, ولكن بعد الدمار الذى لحق بالمطار تم تعديل الزيارة بعد أن جعلها أبطال المجموعة فى حاجة لمن يرفع لها روحها المعنوية .
ومالبثت أن طلبت إسرائيل وقف إطلاق النار من خلال وزير الخارجية الأمريكى روجرز وقبلت مصر لبناء حائط صواريخها .. أما المجموعة 39 فكانت فرصة لها للتدريب والتزود بالمعدات والأسلحة الحديثة .. وأما محى نوح فكانت فرصة له لمزاولة رياضته المحببة وبكل شراسة وعنف لم يصمد أمامه أحد على حلبة الملاكمة حيث كان ضمن فريق الملاكمة بنادى الزمالك فأختير لتمثيل مصر فى بطولة العالم العسكرية فى إيران وأطاح بأبطال العالم العسكرين الواحد تلو الآخر حتى يحوز على بطولة العالم العسكرية فى 23/9/ 1973 .. وكانت فأل خير لحرب أكتوبر المجيدة التى إندلعت بعدها بفترة قصيرة .
وكلف رجال المجموعة مع بداية حرب أكتوبر بعمليات فى عمق العدو الغرض منها تشتيت إنتباهه ، وتدمير مستودعات بتروله لحرمانه مما يحتاجه من الوقود اللازم لأدارة عجلة الحرب لديه مع تلغيم طرقه ومدقاته ، وتدمير مخازن زخيرته وتعطيل إحتياطياته .. ويتذكر البطل محى نوح تلك العملية فى مساء أول أيام المعركة ضد خزانات ومصافى البترول على خليج السويس وتم الهجوم بواسطة 3 طائرات هليوكوبتر إستقلوها من قاعدة شمال القاهرة بعد أن تزودوا بطلقات الحارق خارق وتم الهجوم وتدمير الأهداف بالرغم من مقاومة عنيفة من العدو بواسطة دفاعاته الأرضية تسببت فى سقوط إحدى طائرات الهليوكوبتر المهاجمة وأستشهد طيارها وأصيب من فيها ومنهم المقاتل البطل فؤاد مراد .
وفى يوم آخر تم ضرب مواقع بترول العدو بمنطقة شراتيب ولكن هذه المرة بواسطة القوارب وإستحدام الأربيجيهات والأسلحة الحارق خارق ..
وعندما حدثت ثغرة الدفرسوار طلب من المجموعة التجمع والذهاب إلى الإسماعيلية بتكليف من القيادة بضرب المعبر الوحيد للعدو وتدميره..
وعند الوصول إلى الاسماعيلية قابل الرفاعى الفريق سعد الدين الشاذلى رئيس الأركان الذى كان قد وصل إلى هناك لإبلاغ القيادة بحقيقة أمر الثغرة .. فكلفه الفريق الشاذلى بمهمة أخرى وهى تدمير العدو بمنطقة الثغرة وأعطاه خط سير بمنطقة السرابيوم ..
وفى الصباح الباكر عندما تحرك الرفاعى مع بعض رجاله لأستطلاع العدو وحدث إشتباك بين فصيلة من مدرعات العدو مع مجموعته الصغيرة بالقرب من إحدى قواعد الصواريخ المصرية .. وهو الأشتباك الذى أصيب خلاله الرفاعى الأصابة التى لقى ربه على أثرها ..وعقب إستشهاد الرفاعى ، وعودة الرائد عالى نصر ، والرائد العجيزى إلى القاهرة بناء على أوامر القيادة أستدعى النقيب محى نوح إلى قيادة الجيش الثانى لمقابلة اللواء عبد المنعم خليل الذى أعطاه تكليفات للمجموعة بالتوجه إلى جبل مريم جنوب الأسماعيلية لدعم رجال المظلات الذين يقاتلون العدو هناك وبالتنسيق بين النقيب محى الذى تولى قيادة المجموعة وبين العميد محمود عبد الله قائد سلاح المظلات ، والعميد إسماعيل عزمى قائد لواء المظلات إنتشر أبطال المجموعة أمام جبل مريم ليكونوا حاجز صلد بين العدو وقوات المظلات المصرية ومنعوا العدو من دخول الإسماعيلية فى الوقت الذى قامت فيه قوات الصاعقة فى تدميرالعدو بنفيشة وأبو عطوة حتى يوم 22 أكتوبر.. وبالرغم من قرار وقف إطلاق النار إلا ان العدو واصل تقدمه نحو السويس حتى يوم 24 أكتوبر وملحمة السويس إلى أن وضعت الحرب أوزارها ..
وأستمر اللواء محى نوح على عطائه للقوات المسلحة حينما عمل على الأشراف على على قوات الأمم المتحدة بسيناء أثناء إستلام باقى سيناء .. حتى ترك الخدمة العسكرية عام 1986 .
لم يتوقف عطاء البطل لمصر فهو حالياً عضو مجلس محلى لمحافظة 6 أكتوبر ، ورئيس لجنة الشباب بها، ومدير عام شركة جاتو أرامتك التى تعمل فى المجالات الاستثمارية.
الأنواط والأوسمة التى حصل عليها:
• ميدالية الترقية الأستثنائية 29/4/1956 .
• نوط الشجاعة العسكرى من الطبقة الأولى 3/4/1969 .
• نوط الجمهورية العسكرى من الطبقة الثانية 10/2/1970 .
• نوط النجمة العسكرية 18/8/1971 .
• نوط الجمهورية العسكرى من الطبقة الأولى 19/2/1974 .
بالأضافة إلى ما سبق من أوسمة ونياشين هناك 4 أوسمة أخرى يعتز بها البطل وهى 4 إصابات أثناء العمليات لازالت آثارها بادية فى الجبهة ، والعنق ، والظهر ، والساعد الأيمن حيث إخترقته إحدى رصاصات العدو ولازال مكان دخول وخروج الرصاصة باقية..
هذا أسد من أسود مصر عمل بجوار الشهيد إبراهيم الرفاعى فى المجموعة 39- قتال لعل أبنائنا الشباب يجدوا فيه المثل ، والقدوة التى تضئ لهم الطريق ..
منقول للافادة